رأي

تساؤلات على هامش فعالية أستاذنا البار

حضرموت حُرّة/ بقلم: د. زهير الهويمل


إن حدثا ثقافيا يكون فيه البروفيسور عبدالله البار متحدثا بلا شك سيكون محط اهتمام النخب المثقفة، لذا تابعت – كغيري بشغف عبر الزوم –  هذه الفعالية أو المحاضرة التي أدارها أستاذنا القدير الدكتور عبدالقادر باعيسى كعادته باقتدار.
وإن كانت الفعالية كبيرة في محتواها الذي يتمحور في هوية الثقافة الحضرمية، إلا أنها كانت فقيرة بعدد حضورها الحي،  غنية بنوعية الحضور المتمثل في قامات ثقافية حضرمية كالبروف عبدالله الجعيدي والبروف عبدالله بابعير والبروف صادق مكنون والمنصب الشاعر صالح بن عبدالله باوزير ( أبوعاطف)، والباحث الدكتور أحمد باحارثة، وغيرهم قليل
لم يُسعف الزمن أستاذنا البار لتشريح الواقع الثقافي الحضرمي وإن كان قد سلَّط ضوء النقد على قضايا هامة بشكل عام وفق ما  أتاح له الزمن المحدد بأربعين دقيقة – إن لم تخني أذني – وُصفت فيها الثقافة الحضرمية بالاستاتيكية، وعدم الديناميكية وهو وصف جريء وصريح من خلال ما استشهد به من قضايا ثقافية عامة.

وقد رد الدكتور البار على تساؤلات المتداخلين الثرية لا سيما مداخلتَي الدكتور مكنون والمنصب أبي عاطف.
بأني أضع تساؤلات هنا والإجابة عليها تستوجب مجهودا عاما من نخب المثقفين والباحثين الحضارمة.
وكان الدكتور البار فعلا قد حرك دوائر التساؤلات في مياه الثقافة الحضرمية باقتدار وهو الموسوعة الثقافية والنقدية المعروفة…
لكن الذي شد انتباهي في جوابه بعد المحاضرة على أحد السائلين مستشهدا بأبي بكر بن شهاب وتعدد فضاءات إبداعه على الأدب والفلك والحساب والفقه و….
فكان أستاذنا البار قد حصر الجواب على المنحى الأدبي عند ابن شهاب، ولا سيما ديوانه، حاثّا على تحقيقه، وهو أمر خليق بالامتثال لمن رأى في نفسه المقدرة من طلاب العلم.
لكن الذي نختلف فيه مع أستاذنا البار المطالبة بحذف بعض أشعار ديوان ابن شهاب، بحجة أنه لا يرقى إلى مستوى البعض الآخر، وهو أمر طالب به الدكتور البار في أكثر من مناسبة وفعالية.
ونقول: إن شعر الشاعر ونتاجات الأديب هي شاهد عيان على افتراق وائتلاف الذات الشاعرة نفسها مع محيطها، في مواقفها مع امتداد الزمن، واختلاف المواقف، وتغير تطور المثاقفة عن طريق الهجرة إلى البلدان والأمصار… لذا مثلما استشهد المتحدث بالأرتقيات (الخديويات) على اجترارية الوجهة لدى ابن شهاب، لا بد من القول بأن داخل هذه القوالب حداثة شعرية تتجلى لكل دارس بعمق لديوان ابن شهاب.
برأيي أن ديوان أشعار الشاعر وإن اختلفت مستوياتها الفنية، وتفاوتت قيمة جمالياتها، فهي بكل إرهاصاتها توثق لحقبة الشاعر  بشتى تجلياتها، فلا يحق ليد النقد القص من هذه النتاجات، بحجة التنقيب والاصطفاءوالتشذيب في سبيل التفتيش عن الجميل.
بل تدرس كلا متكاملا وهي تشكل كامل المجتلى الأدبي حينها تسطيع مناهج نقدية حدايثة أو بعد حداثية كالنقد الثقافي والنقد الحضاري دراسة أنساق تلك  الظواهر الشعرية بهيئتها الماثلة آنئذ تكون تلك الدراسات النقدية الباحثة عن الأبعاد الثقافية قد وقفت على أرض أدبية ممتدة مناكبها، وإن اختلفت تربة الزرع فيها بين منبتة نباتا حسنا، أو سوى ذلك فالنقد الموضوعي هو من سيكشف ذلك، لا البتر والإقصاء لما نراه غير متناسق قيمة مع ما نراه قيِّما…
نحن لا نبحث عن الجميل في الحالة الإبداعية بقدر ما نبحث عن اكتمال السياقات الثقافية المصاحبة للحالة الإبداعية لدى الشاعر لنقرأه، كاملا بكل ما فيه غير منقوص أو مبتور لأن البتر يؤدي إلى خلل ثقافي في تبدي تمام ملامح الصورة الإبداعية، بل ستعطينا القراءة الثقافية نتائج مغايرة لما هو كائن ومستقر في حال عدم استيعاب المادة المدروسة بكامل متناقضاتها.

كما أتساءل أليس القيام بالحذف أو القص للمادة الشعرية من قِبل النقد هو ممارسة استاتيكية في آلية الإجراء النقدي، وهو ما عابه أستاذنا البار في المجتلي من الثقافي الحضرمي؟!!!
وما تلك إلا تساؤلات وددت لو كنت حاضرا طرحها على أستاذنا القدير.
شكرا منتدى عميد الوفاء، فالبداية ضربة معلم، لكنها بعض ما ألقاه اليمُّ بالساحل، ومازال في جوف اليمِّ منه المزيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى