منوعات

أول من أدخل صناعة العيش الشعبي (المفرود) في المكلا ..
الفرّان سالم الحاج باكرمان

حضرموت حُرّة/ متابعات

كتب: عبدالله بشهر

العم سالم صالح كرمان باكرمان، رحمه الله والمعروف ب(سالم الحاج) ولد في بلدة عنق بوادي عمد عام 1930م، نشأ يتيم الأب، فكفله أخوه محمد، الذي يكبره بسنوات قليلة، وبعد أن قوي عوده الطري رغم سنه الصغير، طلب من أخيه الهجرة والاغتراب، فغادر قريته وهو لم يتجاوز السابعة من عمره، عمل صبي كبقية الأطفال الحضارم، وقد احتضنه بيت كريم، لصاحبه الحاج عبدالفتاح الحجازي مالك أشهر مخابز بالرياض، ظل يخدم بتفانٍ إلى أن اشتد عوده وكبر سنه فانتقل بعد خمس سنوات تقريبًا من  عمله في البيت، إلى  العمل في المخبز حتى أصبح كبير الخبازين.
عاد إلى الوطن إبّان  فترة الاستقلال، وتعذرت عودته للمهجر نتيجة لظروف تغير الحكومات والأوضاع السياسية حينها، وبعد عودته طرح عليه صديقه وجاره المرحوم سالم مبارك باحشوان، وجود مخبز بالحارة التي يسكنها، ملحق بفندق (قصر النيل) بديس المكلا،  للسيد جعفر البيتي الذي جهزه السيد البيتي ليكون تابعًا للفندق الذي كان به مطعم، وكان مبنيًا من حجارة ليس طوب محروق كبقية المخابز، إنما طوب خارجي علي كل طوبة ختم محفور للمصنع، ولكنه لم يفتح فعلياً، أُعجب العم سالم باكرمان بالفكرة، وترك  الاغتراب وفضل العيش في الوطن، فاستلم المخبز في بداية عام 1968م، وهو  تاريخ افتتاحه، كأول مخبز لإنتاج العيش الشعبي (المفرود) ، وكان ابن أخيه عبدالله رحمه الله ساعده الأيمن في العمل بالمخبز،  نال شهرة واسعة بإتقانه للعمل وحسن تعامله، فكانت تتعامل معه معظم مطاعم الديس التي كانت موجودة حينها، كونه المخبز الوحيد للخبز المفرود، كما تعاملت معه أيضًا الأقسام الداخلية لكلية التربية بالمكلا وثانوية المكلا للبنين، فكان رحمه اللَّه صاحب شخصية هادئة، قليل الكلام وعدم الخوض فيما لا يعنيه.
  عمله كان متعبًا لأن العجين كان باليد وهو الذي يعجن، حيث ينهض الساعة الثالثة والنصف صباحًا قبل الفجر ليعجن، ومع  أذان الفجر يوقظ العمال من النوم ليجهزوا  العجين إلى أقراص، وبعد الصلاة يقوم بوضع الأقراص في الفرن ومواجهة النار،   لينتهي مع شروق الشمس ويعود إلى البيت لتناول الفطور، وأخذ قسط من الراحة والنوم حتى الظهر،  ويعود ليعجن خبز العشاء، والعصر يقوم بوضعه في الفرن إلى قبل المغرب، ثم يعود للبيت منهكًا، وبعد العشاء مباشرة يذهب للنوم، هذا كان الروتين اليومي له رحمه الله حتى في أيام الجمعة، ولا يرتاح إلا في  شهر رمضان وأيام عيدي الفطر والأضحى فقط.
في الوقت الذي افتتح فيه العم سالم باكرمان مخبزه، كانت هناك أيضًا في حي الديس وبقية أحياء المكلا مخابز أخرى، ففي الديس كان مخبز الهجري ومخبز المطري ومخبز التميمي ومخبز بن سلمة، وكلها كانت تعمل في صناعة الروتي والكعك والحلويات والبسكويت، ولم يسبقه مخبز متخصص في صناعة العيش الشعبي (المفرود)، إلا مخبز (الوادي)  للعم سالم باكرمان.
بقى مستمرًا في عمله إلى أن داهمه المرض بداية عام 1986م، فظل يصارعه حتى أنهكه، ليلقى ربه في نهاية العام نفسه بعد معاناة مع المرض، ويواصل العمل في المخبز، بعده ابن أخيه المرحوم عبداللَّه، بمعاونه أبنائه وعلى رأسهم ابنه الأكبر صالح الذي تحمل مسؤولية المخبز وعمل على خطى والده بنفس الجودة والأخلاق العالية، حيث استفاد من التطور العلمي في تجهيز المخابز وأدخل مكائن العجين واللف والفرد، حتى أصبح شبه آلي وكذلك انخرط الأحفاد في مهنة جدهم، ليستمر المخبز حتى الآن محافظًا على سمعته الطيبة وجودته في العمل.
للعم سالم باكرمان من الأبناء عشرة، كلهم متزوجون، خمسة أولاد، صالح، وعمر، وعلي، وصلاح، وخالد، وخمس بنات، رباهم على حسن الخلق والتربية الحسنة، فكانوا نعم الذرية الصالحة.
رحم اللَّه العم سالم باكرمان وأسكنه فسيح جناته وبارك في أولاده من بعده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى