ثقافة

هارولد جاكوب Harold. Jacob kings of Arabiay [London 1923]

حضرموت حُرّة/ بقلم: فرج بخيت الزبيدي


(هارولد جاكوب) عمل مساعداً للمقيم البريطاني فى عدن ثم مندوبًا سامياً فيها أثناء الحرب العالمية الأولى. وكان يعتبر كبير المستشارين السياسين فى شؤون جنوب الجزيرة العربية (للسير ريجنالد ونجيت) ثم اللورد اللنبي المندوبين الساميين في مصر. كان أول مفاوض تبعث به حكومته لمفاوضة الإمام يحيى قبل حوالي أربعين سنة من تعيينه فاحتجزته قبائل (القمرة) ما بين تهامه والحديدة لأنها خافت أن يصل الاثنان إلى اتفاق يتعارض ومصالح القبائل، الحقيقة أن التسمية للكتاب غير مناسب لأن الكتاب فى مجمله يتكلم عن تاريخ هذه المنطقة وليس عن (ملوك العرب) كما يشير العنوان.

يحتوي الكتاب على 14 فصلا يتكلم فيها المؤلف عن أقدم العلاقات بين اليمن والإنجليز، ثم فترة حكم القبطان (هنس) فعصر الأتراك فى اليمن، والعلاقات التركية اليمنية، فالحرب العالمية الأولى، ثم مستقبل اليمن ثم عدن وتعز اليمن.

يعتبر هذا الكتاب من أجود الكتب الغربية التي كتبت عن هذه المنطقة لأن مؤلفه يكتب بعد معاناة وتجارب ومعرفة، وقد استفاد كثيرا من مذكرات القبطان (هينس) أما آراؤه فهي صريحة حتى ولو تعارضت مع المصالح البريطانية.

إن هذا يستحق الترجمة إلى العربية لما يحتويه من معلومات قيّمة عن السياسة والإدارة البريطانية في عدن بعد الفتح، وهو محشو بأمثال عربية استحسن المؤلف الإتيان بها لتوضيح ما يريد أن يقوله. فمثلا عندما يتكلم عن النساء فى تهامة يأتي بالمثل ((من راح أبا عريش رجع بلا ريش)) أما تذبدب حالة سلطان الضالع إبان الحرب فيلخصه المثل ((أينما دارت الزجاجه درنا)). والمؤلف دقيق الملاحظة فهو يسجل أشياء قد تبدو هزيلة لكنها ذات مغزى عميق لطالب التاريخ وعلم الاجتماع. يقول المؤلف : بعد أن عادت قواتنا إلى لحج بعد إعلان الهدنة وجدنا هذين البيتين من الشعر مكتوبين فى أماكن بارزة يتكلم الأول عن السياسة الحكيمة التي اتبعها الأتراك فى لحج مدة احتلاله الذي دام ثلاث سنوات. ويتكلم الثاني عن فرار السلطان.

1)تلك آثارنا تدل علينا ** فانظروا بعدنا إلى الآثار.

2)ذهب الحمار بأم عمر ** فلا رجعت ولا رجع الحمار


أما عن حالة علماء المساجد إبان الحرب فلقد كان المصلون في عدن يرددون بعد أئمتهم (يا قوي يا عزيز، أهلك الجرمن وانصر الإنجليز).

إن من يقرأ كتاب (جاكوب) ليعجب من تلك المحاولات المستميتة التي بذلها العرب لاسترداد عدن من قبضه الإنجليز، فكثيراً هم الذين ادعوا أنهم المهدي المنتظر أو سلاطين البحر والبر وقادوا الحملات ضد الإنجليز وبعضهم ادعى أن عدن ستفتح لها أبوابها دون مقاومة، وأن سلاح الإنجليز سيعود إلى نحورهم.

أما السيد إسماعيل الذي جاء من مكة وقاد القبائل في جهاد مقدس فقد كتب رسالة ظريفة إلى (هينس) طالبا منه أن يعلن إسلامه قبل فوات الأوان، وبعث الرسالة مع (30) صوماليا استلم الرسالة (هينس) وأوثق الرسل بالحبال وأركبهم (سنبوقاً) وأرسل بهم إلى بلاد بربرة الصومالية وكأنهم طرد بري مسجل، يقول الكاتب إن القبطان (هينس) المقيم الأول في عدن ساعد على نشر النفوذ البريطاني فى المنطقة باتباع سياسة (فرق سد) وأنه كان يترك القبائل تتقاتل فيما بينها حتى يصيبها الإنهاك، عندئد يتدخل لأن الأعراب كما يعتقد لا يمكن أن يتفقوا حتى تقسيم (قوصرة) من التمر دون خصام.

إلى اللقاء فى كتاب آخر..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى