رأي

اليمن على بوابة السلام بين ضبابية المواقف الحوثية وتمسك الحكومة الشرعية بالسلام المستدام (3)

حضرموت حُرّة/بقلم: عبدالعزيز صالح جابر
الباحث اليمني في الإعلام السياسي


حضرموت تنشد السلام بين مؤتمر حضرموت الجامع
ومجلس حضرموت الوطني
حضرموت تمثل ثلث مساحة اليمن، وثلثي مساحة الجنوب، ولها حضارة تمتد إلى أكثر من سبعة آلاف سنة،  وهي لديها خارطة طريق وتنشد أن تكون حضرموت سيّدة قرارها وتمتلك الإرادة على مقدّراتها وأرضها.
وبشهادة الحكومة الشرعية ومجلس القيادة الرئاسي والقوى السياسية على الساحة الوطنية وممثلي البعثات الدولية والاقليمية ودول التحالف العربي التي تؤكد أن حضرموت قد ضربت المثل والنموذج في الاستقرار والأمن والوعي خلال حرب اليمن الحالية خاصة وخلال ماضيها السابق منذ الاستقلال بل وما قبله بشكل عام .
وحضرموت تحمل اليوم قضية عادلة وتطالب بمنحها سيادة شؤونها وقرارها السياسي والاقتصادي والإداري في إدارة مؤسساتها وقواتها المسلحة وأمنها ومقدّراتها، ولتسهم بدور فاعل وتكون الانطلاقة لأمن واستقرار شامل لليمن والجزيرة العربية والاقليم وعلى المستوى الدولي ، فهي تحمل  رسالة سلام وتعايش للعالم، وهذا ما أكدته وتؤكده مخرجات ووثائق المكونات الرئيسية الفاعلة على الساحة الحضرمية .
فمؤتمر حضرموت الجامع الذي يتزعمه الشيخ القبلي عمرو بن حبريش العليي ، له رؤيته في الآليات والخطوات الواجب انتهاجها لتحقيق السلام المستدام في اليمن والذي يجب ان يحفظ لحضرموت حقوقها السياسية والاقتصادية ويعيد لها حقوقها التي سلبت منها منذ 1967 وإلى اليوم ، وثبت ذلك في مخرجاته المعلنة ويؤكد عليها ، وأن الحضارم توّاقين للسلام الشامل مع تمسكهم بأهدافهم المشروعة بكل قوة واصرار بما يضعهم كطرف مستقل في أي معادلة سياسية , وأنه من الضرورة بمكان اشراك حضرموت طرفًا أساسيًا ممثلًا بمؤتمر حضرموت الجامع في كل التسويات التي تخص شأن اليمن , بما يشمل المشاورات والمفاوضات و كافة الحلول ، مع رفض الاقصاء و التهميش بكامل صوره واشكاله , وعدم الالتفاف على مشروع حضرموت الذي قدمت في سبيله التضحيات الجسام
والتاكيد على أن تمثّل حضرموت التمثيل العادل ،وأن أي تجاوز او اغفال لاستحقاق حضرموت ومكانتها فسوف يتم رفضه رفضًا قاطعًا وفي كل الظروف وأنه لا خيار أمام ذلك غير التصعيد بكل اشكاله في مواجهة ذلك.
بينما رؤية مرجعية القبائل بوادي وصحراء حضرموت والتي يتزعمها السياسي الشيخ القبلي عبدالله صالح الكثيري
وهي كيان ذو توجه اجتماعي سياسي ثقافي مرتبط بعمق الثقافة والهوية الحضرمية القائمة على السلم الاجتماعي والقيم النبيلة البناءة ،وهي تقف مع التعبير السلمي للرأي والحوار الصادق والبناء بين وجهات النظر المختلفة ، وهي كما تحترم وجهات نظر الآخرين وتقدرها فهي تدعو الكيانات الأخرى للتعامل برقي وعدم مصادرة رأيها هي الأخرى ، وترى المرجعية أن حضرموت وحقوقها خطا أحمرا غير قابل للتفاوض وأنها نقطة ارتكاز ، وأنها مع تسلم أبناء حضرموت القيادة السياسية والعسكرية ،وتؤكد المرجعية في اكثر من مناسبة أن تطبيق نظام الإقليم هو خطوة مهمة للحضارم يرون فيها تحقق الإنصاف والعدالة لحقوقهم المشروعه بما يتوافق مع مساحة أرضهم ومقدار ثرواتهم سواء المادية متمثلة في المعادن الباطنية والنفط والغاز والأراضي الزراعية وغيرها  أو المعنوية متمثلة في تاريخ حضرموت ، وكذلك المميزات والخصوصيات الثقافية لحضرموت ، وأن تطبيق نظام الأقاليم بداية بحضرموت إنما سيكون نموذجا واقعيا لباقي الأقاليم وهي ترى أهمية وجود هذا النظام في ظل التعقيدات الاجتماعية والثقافية والسياسية التي تعصف بالمنطقة بشكل عام واليمن بشكل خاص ، فهي ترى أن مشروع الأقاليم المؤيد دوليا وإقليميا هو الأقرب للواقع والتنفيذ وهو لتحقيق سلام مستدام في اليمن.
ومع مستجدات تطورات جهود السلام في اليمن والتي منه لاحت في الافق بارقة امل ، وهذا يتطلب توحيد جهود القوى الفاعلة على الساحة اليمنية ، ونتيجة لبعض التباينات في المواقف والروئ في حضرموت بشان ذلك فقد قاد السياسي والبرلماني الاستاذ مبخوت بن ماضي محافظ محافظة حضرموت منذ تسلمه قيادة المحافظة جهودا مضنية في سبيل خلق حالة من الاصطفاف وتوحيد الصف الحضرمي ايمانا منه ان قوة الحضارم في وحدتهم ، وبما يملكه من خبرات سياسية وقبلية وهذا اكسبه ثقة هذه القوى في تبني رؤية مشتركة للقوى والكيانات السياسية والمدنية والحزبية في حضرموت وفي مقدمتها مؤتمر حضرموت الجامع ومرجعية قبائل الوادي والصحراء والتي توجت بعقد المشاورات الحضرمية في العاصمة السعودية الرياض خلال الفترة ( ۲۱ مايو – ۱۹ يونيو ۲۰۲۳م) برئاسته ودعم ورعاية المملكة العربية السعودية والاعلان في ختامها عن مجلس حضرموت الوطني كحاملا سياسيا لتطلعات المجتمع الحضرمي والذي تضمن كذلك التوقيع على ميثاق الشرف الحضرمي والاعلان عن الوثيقة السياسية والحقوقية كنتائج لهذه المشاورات ، وجاء في الوثيقة السياسية والحقوقية التاكيد على أهمية توحيد الصف ، وتغليب نهج الحوار لحل كافة الخلافات والتفرّغ للإصلاحات الاقتصادية والخدمية وحشد الجهود لاستعادة مؤسسات الدولة وانهاء انقلاب المليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني، علاوة على ضرورة تلبية تطلعات أبناء حضرموت وحقهم في إدارة شؤونهم السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية والنأي بحضرموت عن أي توترات أو خلافات بينيّة، وتقديراً واعتزازاً بالجهود والمواقفِ المشرّفة لدول تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية وتنمية حضرموت وباقي المناطق المحررة ، واستعادة السلام والاستقرار في اليمن ، وان اعلان مجلس حضرموت الوطني  كمشروع لتوحيد أبناء حضرموت وكياناتها تحت كيان سياسي واحد يعتبر هو التجسيد العملي لوحدة الشعب الحضرمي الذي تجمعه ثقافة حضارية ضاربة في عمق التاريخ جمعت الحضارم في الماضي، وباتت شرطاً لضمان انتزاع حقوقهم في الحاضر، وضرورة لنهضتهم في المستقبل ، مما يتطلب لتحقيقها وحدة الصف والحفاظ على الاجماع الحضرمي ،ولعلّ توقيت الإعلان مؤخرا  عن تشكيل هيئة رئاسة مجلس حضرموت الوطني، والاستعداد للاعلان عن تشكيل هيئاته العليا من مختلف مكونات المجتمع الحضرمي ، والذي تباينت الآراء حولها بين مؤيد ومعارض ومتحفظ أما على بعض الاسماء أو طريقة وآلية الاختيار ، إلا أنه و مع هذه الخطوات المعلنة والتي تعتبر بمثابة اعلانا رسميا لمجلس حضرموت الوطني وتدشينا لبدء نشاطه على ارض الواقع تنتصب أمامه حاضرا ومستقبلا مهاما كبيرة جدا ، في مقدمتها تأكيد سيادة حضرموت على أرضها وثرواتها استجابة لمطالب المجتمع الحضرمي باطيافه ومكوناته كافة وتحقيقأ لإرادته الحرة ، وحفاظأ على وحدة الصف والكلمة ونبذ التعصب والذاتية والحزبية والجهوية وأن اهمية التوافق وللعودة لروح التوافق الذي اتسمت به مراحل تشكيل المجلس الاولى مهمة جدا لضمان تحقيقه لاهدافه خاصة مع تسارع الاحداث وليبدأ مرحلة مهمة في الحياة السياسية الحضرمية، ولينبَري لمخاطبة الساحة السياسية من أجل أن يقدم نفسه باعتباره حاملا سياسيا واقتصاديا وثقافيا وعسكريا وامنيا ممثلا لأبناء حضرموت في الداخل وعلى المستوى الاقليمي والدولي ، وتنضوي تحت إطاره عددا من المكونات الحضرمية ،ولضمان  وضع حضرموت في مسار مرحلة السلام في اليمن ، والتي تطلب كيانا سياسيا جامعا قويا ، وهذا ما تحقق في هذا الكيان الحضرمي الذي توحدت فيه الارادة الحضرمية بعيداً عن التشرذم والتناحر والانعزال، وهو صمام أمان الوحدة الوطنية الحضرمية بين مكوناته المتنوعة، والضامن الحقيقي لنجاح مشاركته في صنع السلام المستدام في اليمن ، وهذا ما تجسد في توقيع المكونات المشاركة في المشاورات على ميثاق الشرف وفتح الباب لبقية القوى السياسية والمدنية والجماهيرية في حضرموت للتوقيع عليه لوضع حضرموت في معادلة خارطة السلام المستدام في اليمن وهذا ما تفرضه الوقائع الحالية المتسارعة  والتي بحاجة لوحدة الصف الحضرمي فحضرموت هي أس وأساس السلام المستدام.
والذي عززه  زيادة فرص الإخفاقات التي اعترت الصف المناهض لها، والسبب كما هو معلوم حال التباين السياسي داخل جسد الحكومة الشرعية والذي ينسحب بدوره على الجانب العسكري والامني ، على الرغم التقائها في جبهة مواجهة الحوثي ومشروعه الكهنوتي الظلامي .
ولضمان ايجاد حالة اختراق في حالة الجمود في مسار السلام والسير نحو حل عادل مستدام  للازمة والحرب في اليمن وهذا يتطلب تقديم الحوثيين لتنازلات كبرى من خلال التراجع عن انقلابهم على الحكومة الشرعية، وهو ما يعد بالنسبة إليهم خسارة لمكتسباتهم وسيعملون على عدم التفريط بها، خصوصاً تلك القضايا التي تشكل عمق وجوهر المشكلة اليمنية التاريخية ممثلة بالنهج الديمقراطي وتوزيع مراكز السلطة والثروة، وهو ما يدركه الحوثيون بأنهم سيصبحون الخاسر الأكبر فيه لمحدودية شعبيتهم ونهجهم السلالي المقيت والذي ينبذه الشعب اليمني كافة ، فالحوثيون يحملون مشروعاً إرهابياً عنصرياً لا يمكن أن يسمح بقواسم وطنية سياسية مشتركة مع بقية القوى السياسية على الساحة اليمنية ، فمنهجهم وعقيدتهم السياسية تقوم على إخضاع الآخر من موقعهم السلالي الطائفي ، وما لم يكسر هذا الاستعلاء ويعاد بناؤه في إطار سياسي وطني فلا يمكن له أن يقبل السلام المستدام .
فالجهود المبذولة حالياً والتي اعلنها المبعوث الاممي لليمن بشان  التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإحلال السلام في اليمن والتي قادتها المملكة العربية السعودية مع سلطنة عمان وتعمل جدياً على تجاوز العقبات في سبيل الوصول إلى صيغ مناسبة للحل والمقاربة بين جميع الاطراف وتقريب وجهات النظر وايجاد صيغة توافق وتعزيز الثقة بين مختلف الاطراف السياسية الفاعلة في اليمن من اجل التعاطي مع هذه الجهود بايجابية بغية التوصل لحل وسلام عادل في اليمن  ، ومع أن جميع الأطراف السياسية اليمنية تتحمل قدراً من المسؤولية الا أن هناك  تحديات تعود إلى ظروف وتراكمات تاريخية خارج إرادتها، إلا أن جماعة الحوثي تحديداً تتحمل القدر الأكبر من المسؤولية في عرقلة نجاح مسار إحلال السلام بسبب مواقفها المتعنتة وعنترياتها الاخيرة في تهديد الملاحة في البحر الاحمر ومضيق باب المندب وهي تصرفات تقوض  احلال السلام المستدام ، كذلك هناك عراقيل تضعها الجماعة الحوثية بين حبن واخر  من خلال رفع سقف الشروط والمطالب، ومقاربتها الأيديولوجية المتطرفة وغير الواقعية التي يغيب فيها أي اعتبار لمصالح اليمن وامنه واستقراره وتطوره .
وهناك مخاوف كبيرة من مماطلة وعدم التزام الجماعة الحوثية بتتفيذ ما يتم التوقيع عليه وهو السلوك الذي عرفت به خلال فترة الصراع من 2004 وإلى اليوم ، واشار عدد من المهتمين بالشان اليمني ان هذا الاتفاق  إذا لن يفضي للاستعادة الدولة اليمنية لسيادتها كاملة وأن يحصر بيدها السلاح المتوسط والثقيل  بأنواعه كافة وان تملك قرارها بعيدا عن الضغوط والوصاية فالاصل هو الا يوقعرلانهرسوف يؤسس لصراع وحرب جديدة اكثر ضراوة وضررا ، واستمرار الصراع  والدخول في حرب استنزاف طويلة المدى مما يدخل اليمن في مرحلة صعبة ، ويتحول اليمن إلى أزمة منسية يبسط فيها الحوثيون سيطرتهم العنيفة على صنعاء والشمال في حالة غابت عن المشهد توحد القوى الشرعية  وتوحدت الإرادة لديهم  للحسم العسكري بعيدا عن حسابات ضيقة لهذا الطرف أو ذاك. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى