معرض سيؤن للكتاب .. خطوة نحو الحفاظ على مدنية المجتمع
حضرموت حُرّة/ بقلم: أحمد باصهي
للثقافة دورٌ هادىء وفعلٌ تراكمي في ترسيخ السّويّة الفكرية ودرء الجمود والشطط عن شباب الجيل الذين أمسوا نهباً لمشتتاتٍ متعددة من الصوارف والملهيات فلم يُعَدْ التطرف الفكري والتعصب المذهبي أخوفَ ما يُخاف عليهم بل داهمتنا مخاطرُ جسيمة كالمخدرات ومنشطات الكيف و مثبطات الهمم .
يحدثُ هذا بينما المجتمع وقواه الحية وكتلته الصلبة وما أصطلح عليه بالوجهاء والشخصيات الإجتماعية يبذلون جهودا غير مجدية لتشكيل مكونات ومرجعيات تستلهم الماضي وتكرر مدخلاته الغابرة في حل قضايا معاصرة وهو مالم ينتج مخرجات مغايرة ذلك أن الواقع يتغير ونحن ثابتون .
من هنا يكون التعويل على الثقافة والرهان على تأثيرها الفعّال وإن كان بطيئا في أن تحدث التغيير المنشود والعبور الى المستقبل من خلال تكريس التفكير المنهجي والسلوك المدني الموازي لمقتضيات العصر واستلهام التاريخ كقوة دافعة تصنع اللحظة الفارقة المتسقة مع سياق الحاضر المؤسِسَة لمشاريع المستقبل الجامعة لأفراد المجتمع بكل أطيافه المتنوعة تستحثهم بذلاً وعطاءاً وتوحّدهم رؤيةً وهدفاً .
من خلال إعادة الإعتبار للقراءة كمصدر للمعرفة وتأكيداً لقانون أمة لا تقرأ لا ترقى ! وللكتاب ذلك الجليس الصالح والناطق الصامت بعد أن تعرض لضربة ماحقة وهزيمة ساحقة أمام الهجوم السحابي الذي استمطر الناسُ منه حلال السحرِ وحرامه ومُزنِ المياه وآسنها وهم يتحسسون ضآلتهم من جواهر الحِكم
ويوردون دلاءهم بحثا عن نفائس المعارف وشوارد الطرائف .
فأهلا وسهلا بالكتاب في سيؤن مدينة النور وبادئة النهضة ( مدرسة النهضة) وموئل التهذيب ( مجلة التهذيب )هذه المدينة التي اشتهرت بأناقتها وخفة حركتها حتى غدت مقصد الزوار كل غداة من أطراف الوادي وجنباته من بدوٍ و حَضْر .
لقد غشيتنا سنونٌ عجاف تصحّرت فيها بساتيننا الثقافية وجفّت عيونها الراوية وهبّت على الأحقاف لفحة يَبِس على إثرها كلُ غصن رطيب ولولا بقيةٌ من ذوي الأنفس الكبيرة الذين لم يبرحوا أماكنهم في جبل الوعاة النابهين ظلوا ممسكين بأعنة أقلامهم يصدون عن الذائقة الأدبية عبث العابثين وينفون عن الهوية الوطنية تدليس المغرضين ويرشدون السائرين في طريق استئناف الوعي فيشجعون كل طارق بابِ أبداع وكل رافع رآية أدب في مشوارنا الطويل
فلولا أولئك الأفذاذ لاندرست معالمُنا بل و ربّما مُحيَتْ أطلالها .
كما ساهم اعتدادُ الناس باسلحتهم وأنسابهم عوضاً عن اعتدادهم بكونهم أفراداً أسوياء ومواطنين شرفاء في وطنٍ يُحبُه جميع أبنائه ، وتدني مستوى معيشة السواد الأعظم من الشعب وإطباق فكي الغلاء وتدهور الخدمات على السكان بشكل عام في تآكل وضعف الطبقة الوسطى في المجتمع والتي كان يُراهن عليها كثيرا في إحداث النقلة النوعية المبتغاة والتغيير المستهدف المنشود .
فليكن هذا المعرض اليوم و ما زَخر به من عناوينَ متعددة بأسعار مناسبة خطوةً أولى ولبنةً مُثلى في طريق العودة الى الذات الحضرمية ذات العمق الحضاري والإرث الثقافي المتصالحة مع ذاتها ومن حولها دون تغوّل على الآخر او انتقاص منه بل تصونُ كل حقوق المجتمع البشري والمجموع السكاني القابع بين لابتيها منذ فجر التاريخ ممتدا في ربوع الوطن وأقاصي الأرض حاملا دعوات الخير والسلام والمدنية والحضارة لعموم جنس الإنسان .