المطالبة بـ ( الرواتب ) .. أم المطالبة بـ ( دولة الجنوب ) ..؟!!
حضرموت حُرّة/ بقلم: أحمد باحمادي
يقول الأستاذ ( فضل الجعدي ) وهو قائد مخضرم وأحد قادة ( المجلس الانتقالي ) العظماء في إحدى تغريداته المثيرة للجدل بمنصة التدوين ( X ) : ’’ تقول له [ أي المواطن ] أن حل القضية الجنوبية واستعادة الدولة هو مفتاح السلام في المنطقة .. فيحدثك عن تأخر صرف المرتبات ( … ) عجبي من هؤلاء !! ‘‘ انتهى كلامه.
يتعجب ( فضل الجعدي ) ـ أكرمنا الله وأياكم بالعقول !! ـ من اهتمام المواطن وسؤاله عن راتبه المتأخر قبل أن يسأل عن استعادة ( دولة الجنوب ) ..
ونحن كمواطنين ( شرفاء !! ) لا نستغرب ذلك.. لماذا ؟ .. لأن الراتب شيء محسوس وملموس ومشاهد .. أما ( دولة الجنوب ) فشيء كالسراب للظمآن .. إذا رآه من بعيد حسبه ماءً نقياً يلوح له .. وإذا جاءه لم يجده شيئاً ..!!
شيء طبيعي ولا يدعو للعَجَب أن يسأل المواطن المتعَب عن موعد صرف راتبه المتأخر لأن ذلك الراتب هو قوام معيشته وأساس رزقه وليس له من رواتب أخرى يسترزق منها كما يفعل ( فضل الجعدي ) وبقية القادة الكبار الذين هم بحجم ( جيب ) وطن كبير ..!!
الراتب أيها ( الفضل المبجّل ) له قصة مؤلمة لو تعلم تفاصيلها لبكيتَ دمعاً ودماً على المواطن البسيط الذي تتعجب من مطالبته به .. فالمواطن ينتظر نهاية كل شهر على أحرّ من الجمر ليتسلّم الرتب الهزيل ويصرفه على أصحاب الاستحقاق الذين يطالبونه به على الدوام بالتسديد مع التهديد ..!!
فيذهب الراتب في لحظة زمن لصاحب البقالة والخُضار والسمك والمخبز والمواصلات ونصيب لا يُستهان به لتسديد الفواتير .. فلا يبقى منه سوى القليل ليذوب خلال أيام وربما بقيت في ذمته بعض الديون ..!!
ماتَ بعضهم في الشمس بانتظار هذا الراتب الذي تستهينون به .. ودّع الحياة شيخ بائس وهو يجلس بوهن تحت نافذة البريد في الحر الشديد الذي لم تذوقوه يوماً وأنتم تتبرّدون في الصيف بالمكيفات في فللكم وبيوتكم الفخمة وسياراتكم المصفحة ..!!
ولو رأيت والدة الشهيد وهي تجلس في كمد بانتظار راتب هزيل لولدها الشاب الشهيد الذي تاجرتم بدمه الطاهر وملأتم جيوبكم وأرصدتكم بملايين مملينة من الدولار الأخضر والريال السعودي والدرهم الإماراتي ..!!
أنتم ربما تخزّنون القات بالآلاف المؤلفة .. وتصرفون عشرات وربما مئات الآلاف ـ دون أدنى تفكير ـ على الغذاءات في المطاعم والولائم .. وتأكلون من الطعام الجيّد الشهي والغالي ما لا يحلم بأكله أولئك المساكين إلا في الجنة .. فهل فكرتم يوماً كيف يعيش هؤلاء ..؟!!
ولماذا ينتظرون على أبواب المطاعم ليجمعوا ما تبقى من قوت الناس .. ولماذا يتكالبون على براميل القمامة مطلع كل صباح حتى لا يراهم أحد وهم يبحثون على لقمة تُقيم أودهم وتُسكت عصافير بطونهم الجائعة ..؟!!
ولماذا يتسوّلون الناس على الطرقات وفي المساجد ويقفون في طريق السيارات ؟!! .. والحقيقة التي ربما تعلمها أو لا تعلمها أن الكثير منهم بات لا يتناول في اليوم إلا وجبة واحدة وقد عصبوا بطونهم صابرين بانتظار دولة الجنوب التي تعوضهم عمّا سلف من جوع وحرمان .. !!
ضحّوا بكل شيء لأجل بقائكم كقادة عظام .. صدقوكم ووثقوا بوعودكم .. وبعد سنوات من الكّد والتعب والمليونيات والتفويض .. إلامَ صرتم أنتم .. وكيف صاروا هم اليوم ..؟!!
أبعدَ هذا تتعجبون كيف يطالب هؤلاء الغلابى بروابتهم المتأخرة .. ولا يطالبون باستعادة دولة الجنوب ..؟!!