آراء الشارع الجنوبي لمخرجات مجلس العموم
حضرموت حُرّة/ تقرير خاص
في الثاني من يناير عقد المجلس الإنتقالي اجتماعه العام الأول بجميع هيئاته القيادية تحت مسمى (مجلس العموم) واتجهت الأنظار الرسمية والجماهيرية لمتابعة مخرجات اللقاء التاريخي الهام والذي لا يقل أهميّة عن 4مايو يوم إعلان المجلس الإنتقالي الجنوبي ذاته.
اجتماع مجلس العموم والترويج الإعلامي له وضع المجلس تحت مجهر المراقبة والدراسة والتقييم، فبعد سبع سنوات من إعلان المجلس الإنتقالي، -حسب تعبير بعض المراقبين- أتى الإجتماع في ظروف سياسية غاية التعقيد ومع اقتراب توقيع اتفاق السلام المرتقب بين الحوثيين وحكومة الشرعية، وكذا في ظل ظروف معيشية غاية الصعوبة يعاني منها المواطنين، ومع تأخر صرف المرتبات الشهرية لموظفي القطاع الحكومي والتي لم تعد تسمن ولا تغني من جوع ومع تدهور قيمة العملة المحلية وانتشار الفساد.
تأتي رياح المخرجات بما لم تشتهِ سفن الإنتقالي، فلم تكن المخرجات عند حد التطلعات الشعبية، وأحدثت صدمة لدى أنصار المجلس وقواعده التي لازالت تعاني آثارها حتى اللحظة، تبلور معظمها في عدم الرضى عن أداء المجلس على الصعيد السياسي والأداء التنظيمي الفاقد لأبسط أبجديات العمل المؤسسي.
أبرز القضايا التي أحدثت اللغط:
1. تجميد دور اللوائح الداخلية والعمل المؤسسي عن طريق تجديد التفويض لشخص الزبيدي، والذي سمح له -فيما سبق- بإعادة تعيين هيئة الرئاسة (أعلى هيئة قيادية بالمجلس) بقرار فردي دون إقرار من هيئات المجلس في بادرة غير صحية، وهي سابقة في المكونات والأحزاب السياسية التي تدّعي المؤسسية، كما أن حصر اختيار الهيئات القيادية بطريقة شخصية وعبر الولاءات الشخصية والحزبية بعيدا عن النظم واللوائح الداخلية قتلت الروح التفاؤلية عند من انتظر مخرجات ما سمي بلجنة الهيكلة.
2. حضرموت الحاضر الغائب ، فتغييب دور الحضارم أثار جدلا واسعا في مواقع التواصل الإجتماعي خصوصا في ظل غياب نائبي الزبيدي (بن بريك – البحسني) عن اجتماع مجلس العموم.
3.لم ترتقِ مخرجات اللقاء لحجم التوقعات والترويج الإعلام الذي سبق عقد اللقاء.
رصدت صحيفة حضرموت حُرّة بعض ردود الأفعال على مواقع التواصل، إذ تحدث الكاتب أسامة السقاف في مقال مطوّل ساخرا من مخرجات اللقاء ومما جاء فيه:
(لقد أردتم من اجتماع مايسمى بمجلس العموم نقلة نوعية للانتقالي إلى الأمام ولكن تحول إلى وبال عليكم، كاشفا أوضاع مجلسكم المحتضر، والذي يُدار بطريقة دكتاتورية ومناطقية).
فيما غرّد عبدالكريم السعدي على منصة التواصل (X) بلغة وديّة ونصيحة محب فالمجلس بحاجة لتصحيح أوضاعه الداخلية، وتحويل أقواله ورؤيته لشكل الدولة إلى نموذج مصغّر داخل هيئات المجلس وأروقته يمكن البناء عليه والإلتزام بالنظم واللوائح الداخلية ثم بعدها يمكن للأخوة في الإنتقالي الحوار مع الآخر ومما جاء في سياق حديثه:
( من حق إخوتنا في الانتقالي تصحيح أوضاعهم الداخلية لتجاوز الأخطاء والإقبال على بقية مكونات الجنوب السياسية والثورية والاجتماعية للذهاب معا نحو حوار وطني جنوبي ندي لا وصاية علية ولا تفضيل فيه لطرف على آخر فمصلحة الجنوب تتطلب تقارب أبناءه وقبولهم ببعضهم ومعالجة جراح مجتمعهم).
إن المستجدات السياسية المتسارعة فرضت على الزبيدي إعداد مسرحية العمل المؤسسي، وإظهار فاعلية هيئات المجلس -الخاملة أصلا- في القرار الصعب.
لم تأت النتائج كما هي متوقعة بل وعلى العكس من ذلك فمن من لم يعتادوا على الشراكة في القرار، ولم يكونوا عند حجم المسؤولية قبلوا أن يكونوا مجرد دمى وممثلي (كمبارس)، فلم تتم المناقشات لأي قرارات مصيرية في ظروف سياسية غاية الأهمية، وفي غضون ساعات قليلة ابتدأ وانتهى اجتماع مجلس العموم وهو ما لاقى سخطا واسعا عبّر عنه بعض الناشطين على منصات التواصل، إذ تحدث الكاتب السياسي عبدالله بن هرهرة في مقال عمّا جرى بقوله:
(خرج الجنوبيون لتفويض الانتقالي عام ٢٠١٧م ، لكن مانشاهده اليوم هو تفويض لعيدروس وهذا خطأ فادح ترتكبه مؤسسات الانتقالي سوف يخدم بعض الأطراف الإقليمية ، بما أن كل سلطات الانتقالي بيد رجل واحد سيجعلهم ذلك يمارسون الضغط السياسي عليه لتقديم تنازلات جوهرية تمس ركائز المشروع الوطني)
فيما كتب الناشط السياسي أمجد الرامي من على صفحته على الفيس بوك ما نصه:
(التفويض في الغالب فعل شعبوي متخلف ، لا يصدر الا عن نظم دكتاتورية غبية …. لربما كنا في احد المراحل في حاجة له اثناء التأسيس ، لكن ان يصدر من جمعية وطنية ومجلس عموم ، لهو أمر معيب ..حتى وإن كان الغرض من هذه الاجتماعات إيصال رسائل للعالم وقبلها الجارة ان الجميع يدا واحدة خلف المجلس الانتقالي).
حالة السخط وعدم الرضى ومحاولة تصحيح ما يمكن إصلاحه جاء في سياق رسالة موجهة لرئيس المجلس -الزبيدي- تتطالبه بالتنحي عن أحد المسؤوليتين (عضو مجلس القيادة الرئاسي / رئيس المجلس الإنتقالي) الرسالة نشرتها صحيفة الأيام وعليها توقيع أصحابها الذين عبّروا أن الظرف السياسي الصعب يحتّم على الزبيدي التفرغ لأحد المهتمين وعدم ترك قارب المجلس الإنتقالي على الغارب قبل فوات الأوان.
الدكتور أحمد علي عبدالله كتب هو الآخر بتعبير وتوصيف دقيقين عن الوضع السياسي الصعب وعدم الرضى عن أداء المجلس، واختتم حديثه بقوله:
(لم يعد للصابرين من أفق واضح بعد أن لمعَ الضوء في الظلام دون أن تصاديه لمعة العقل فولى شارداً.. لهذا هناك حاجة ماسة للإفاقة الثانية.. إما بالصدمة التكتيكية أو بإعادة توازن الطاقة واكتشاف قوة الحياة مرة أخرى في “غفاة البشر” ليس على طريقة عمر الخيام وكؤوس المنى ولكن بأي وسيلة أخرى حتى بواسطة الوخز بالإبر الصينية! فمن سيفعلها؟
سلام على دماء من رحلوا..)
فيما عبّر الناشط السياسي محمد مظفر في صفحته على الفيس بوك أن إخفاقات المجلس تجاوزت وأن لا أمل في إصلاحات مستقبلية وأن التفكير والقيادة الحالية تقود المجلس إلى حافة التفكك والنهاية وهو مايتؤام مع ما يميل إليه البروفيسور عبدالرحمن الوالي في دعوته لتشكيل جبهة إنقاذ جنوبية تضم الجميع وتتلافى المشاكل مستفيدة من تجارب الماضي الكثيرة والمريرة.