الصحافة النسائية في الوطن العربي .. نظرة مقتضبة
حضرموت حُرّة/بقلم: أحمد باحمادي
ما تزال الحضارة الإنسانية تحفظ للمرأة دورها المحوري في جميع الفترات فهي أم الأنبياء والرسل، ومربية الأجيال، وتدين لها البشرية بالفضل الكبير، وقد عرف لها الإسلام هذه المكانة فكرمها القرآن الكريم، وأنزلها منزلة رفيعة ، كما شهدت عصور الإسلام الزاهرة نساء خالدات رائدات في سائر ميادين العلم والمعرفة.
كثيراً من المعلومات القيّمة حملها كتاب ( الصحافة النسائية في الوطن العربي ) ـ تأليف: د. إسماعيل إبراهيم والذي صدرت منه الطبعة الأولى عن الدار الدولية للنشر والتوزيع (مصر) في العام 1996م، ويعتبر الكتاب أول دراسة شاملة عن الصحافة النسائية في الوطن العربي، حاصرةً للمجلات النسائية منذ بدء ظهورها عام 1892م حتى نهاية 1994م.
في تلك الفترة المحددة غطى الباحث (مئة وثمانين) مطبوعة منها (أربعون) ما تزال تصدر، وبموجز تاريخي للصحافة النسائية فقد اعتبر المؤلف مجلة (الفتاة) التي أصدرتها اللبنانية (هند نوفل) عام 1892م في الإسكندرية أول مجلة نسائية عربية في الوطن العربي.
ثم توالت المجلات النسائية في مصر، ثم تبعتها لبنان، وكانت أول مجلة (الحسناء) أصدرها جرجي نقولا عام (1909م) ، ثم سوريا، حيث أصدرت ماري عبده عام (1910م) مجلة (العروس) ، ثم العراق، حيث أصدرت يولينا صون مجلة (ليلى) عام 1923م، ثم صدرت مجلة (ليلى) في تونس عام 1936م، ثم السودان حيث أصدرت (تاكوي سركسيان) مجلة (بنت الوادي) عام 1946م، ثم توالى صدور الصحافة النسائية تباعاً في بقية البلدان العربية، وتأخرت قليلاً في الخليج والجزيرة.
وفي سياق الحديث عن ملامح الصحافة النسائية ونظراً لأهمية مصر في تاريخ الصحافة النسائية وكثرة المجلات الصادرة فيها في تلك الفترة؛ فأهم الملحوظات على الصحافة النسائية من خلال إلقاء نظرة عليها يتبين أن أغلبها في تلك الفترة كانت تركز على حقوق المرأة، خصوصاً التعليم والعمل، ثم دعوى السفور، وتحديد سن الزواج، وتقييد الطلاق، وتعدد الزوجات.
كما ظهرت بعض المجلات المتعاونة مع الاستعمار البريطاني مثل (فتاة النيل)، وكذلك (العروسة)؛ حيث كانت سجلاً لأخبار الراقصات والباحثين عن المتعة المحرمة، كما صدر الكثير من المجلات النسائية إما عن نساء أو جمعيات نسائية.
ومن الملاحَظ أن كثيراً من الرجال في تلك الفترة كان يكتب بأسماء نساء؛ لتشجيع النساء على المشاركة، وقد شارك النصارى، وبعض اليهود بقوة في إصدار المجلات النسائية.
وفيما عدا مصر ولبنان فإن المجلات النسائية العربية تميزت بقلتها وعدم انتظام صدورها وإقليميتها، فبالرغم من تأخر صدور المجلات النسائية في الخليج إلا أنها تميزت بالقوة (في الجانب التحريري الصحفي) ، وكذلك بالتميز في الطباعة والورق الفاخر، ولعل (أسرتي) أقدم مجلة نسائية في الخليج حيث صدرت عام 1965م.
وفي الإمارات : صدرت (زهرة الخليج) عام 1979م، وفي عُمان: (الأسرة) عام 1974م، وفي قطر : صدرت (الجوهرة) 1979م، أما في السعودية فقد صدرت مجلة (الضياء) عام 1977، عن جمعية النهضة النسائية بالرياض، وهي محدودة الانتشار وغير منتظمة في الصدور.
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن مؤلف الكتاب قد غاب عنه ذكر دور النصارى واليهود في الصحافة العربية عموماً والنسائية خصوصاً، سواء في فترة نشوئها أو تطورها لاحقاً، وكذلك دور الإرساليات الأجنبية في توجيه القائمين عليها. وما عدا ذلك فإن الكتاب يعتبر مصدراً غنياً بالمعلومات في هذا المجال للباحثين والمتابعين والإعلاميين.
*ـ المرجع : الصحافة النسائية في الوطن العربي ـ تأليف: د. إسماعيل إبراهيم*
•••