رأي

وداعاً أ. عمر عبدالرحمن العيدروس


حضرموت حُرّة/بقلم: رياض باسلامة

عندما وصلني نبأ وفاة صديقي الأستاذ عمر عبدالرحمن علي العيدروس بالأمس الثلاثين من ديسمبر 2023م آلمني وأفجعني ذلك النبأ الحزين ودار أمامي سريعاً شريط ذكرياتي مع ذلك الرجل الهادئ الخدوم المتواضع الأنيق الأديب الأريب الإداري الناجح المهندس البارع الفنان الشاعر الملحّن العازف الباحث المؤلّف الإنسان أولاً وأخيراً.
لقد شاء الله أن التقي بالأستاذ عمر عبدالرحمن العيدروس (يرحمه الله وأسكنه الجنّة) لأول مرة في مدينة صلالة العُمانية أواخر عام 2017م أثناء ترتيبات السفارة الإندونيسية لتسهيل سفر المشاركين في فعاليات مؤتمر هجرة الحضارم إلى جنوب شرق آسيا الذي نظّمه مركز حضرموت للدراسات التأريخية والتوثيق والنشر بالشراكة مع مركز منارة الإندونيسي وقد تعرّفت على الحبيب عمر وعلى صفاته الحميدة التي أسفر عنها السفر وما سُمّي السفر سفراً إلا لأنه يُسفِر عن أخلاق ومعادن الرجال فعندما سأل الفاروق عمر بن الخطّاب (رضي الله عنه) أحدهم عن فلان هل تعرفه؟ فقال له: نعم أعرفه ، فقال له سيدنا عمر : هل سافرت معه؟ فقال له : لا ، فقال هل جاورته؟ فقال له: لا ، فقال هل حاككته بالدينار والدرهم ؟ قال له: لا ، فقال له عمر : إذاً أنت لا تعرفه!
لقد أخجلني الحبيب عمر بتواضعه الجم رغم رفعة نسبه الهاشمي وسعة معرفته العلمية فكان نعم الأخ والصديق واستفدت منه كثيرا خاصة في مجال الترجمة فهو بالإضافة لإتقانه للغتنا العربية يجيد اللغتين الإندونيسية والإنجليزية ويتحدثهما بطلاقة.
والفقيد عمر عبدالرحمن العيدروس من مواليد مدينة سورابايا بجمهورية اندونيسيا أواخر عام 1945م وقد غادرها وعمره لم يتجاوز 15 سنة عائدا مع أسرته إلى حضرموت إذ تعود أصوله لمنطقة الحزم بمديرية شبام وقد سنحت له زيارة مسقط رأسة باندونيسيا بعد قرابة الستين عاما من مغادرته لها عندما شارك في أعمال مؤتمر هجرة الحضارمة إلى جنوب شرق آسيا وأكثر ماشدّني له أثناء رحلتنا لاندونيسيا تذكّره وبدقّة لتفاصيل تلك الأماكن التي ترعرع وعاش ودرس بها والتي لا يزال أغلبها قائما بمدينة سورابايا التي عاش بها في ريعان طفولته وبداية شبابة ، وكأنّه لم يغادرها منذ قرابة 60 سنة ولشدة شوقه ولهفته إليها وفرحته بلقائها لم يتركني أنم ليلة وصولنا سورابايا التي وصلناها جوا بعد صلاة العِشاء ورغم تعبنا أخذني في جولة سريعة لتلك الأماكن وكان يشير بأصبعه ويقول لي : هنا كان مسكني وهذه مدرستي وهذا … وهذا … وكم كانت سعادته ممزوجة بألم فَقْد من كانوا يشاركونه تلك الذكريات الجميلة وقد رحلوا من هذه الدنيا الفانية ولم يستطع إخفاء دموعه عني وهو يقف على بقايا تلك الأطلال.
لقد عشت أياماً جميلة قضيتها بصحبته طيلة أيام المؤتمر قبل أن نفترق ونعود إلى الوطن وظلّت علاقتي به وطيدة ولم تنقطع إلا بوفاته يرحمه الله.

محطات من حياته العلمية والعملية :
* في عام 1967م تخرّج من ثانوية المكلا، تدرّج في عدد من الوظائف الحكومية بدءً بسلك التدريس.
* في عام 1973م عيّن مسؤولاً فنياً بإذاعة المكلا.
* في عام 1981م انتقل للعمل بالمؤسسة المحلية للبناء م/المهرة ثم عيّن مديراً لإذاعة الغيظة المحلية التي افتتحت عام 1986م ومشرفاً فنياً في محطة إعادة البث التلفزيوني.
* في عام 1990م التحق بمكتب وزارة الثقافة م/ حضرموت.
* في عام 2005م عيّن مشرفاً فنياً بمركز بلفقيه الثقافي ثم أحيل للتقاعد بعد خدمة دامت 37 عاما في السلك الحكومي.
* مهندس الكترونيات بارع.

أبرز أعماله ونشاطه الموسيقي :
* شاعر، وملحّن، وعازف على عدد من الآلات الموسيقية وصاحَبَ بالعزف على الكمنجة العديد من كبار الفنانين من حضرموت وخارجها..
* في عام 1965م أسّس أول فرقة موسيقية نحاسية مدرسية في ثانوية المكلا وشاركت في العروض الموسيقية الرسمية.
* في عام 1969م إنضم إلى الندوة الموسيقية الحضرمية بالمكلا ثم فرقة المواهب الموسيقية التابعة للأمن العام آنذاك.
* في عام 1973م أسّس مع مجموعة من الموسيقيين فرقة بلقيس الموسيقية .
* من مؤسّسي اتحاد الفنانين الموسيقيين في المكلا، ثم أسّس مع آخرين فرقة (أروى) الموسيقية.
* في عام 1995م أسّس مع مجموعة من الموسيقيين جمعية فناني حضرموت للموسيقى والتراث الغنائي.
* تدرّب على يديه العديد من الموسيقيين المشهورين اليوم.
* شارك في العديد من المهرجانات والفعاليات الثقافية والموسيقية.
* ألّف كتاب (مقدّمات في الأغنية الحضرمية) كما له كتابات حول التراث الغنائي في بعض الصحف والمجلات.
* كتب ولحّن عدداً من الأغاني العاطفية والموضوعية غنّاها كبار فناني حضرموت منها: (ابتدينا خطأ) و (بلينا بك) وغيرها.
* له تعود بداية كلمات أغنية (شاف لطفي معه) وقد أعطاها للشاعر عبدالقادر الكاف الذي قام باكمالها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى