منوعات

قراءة في كتاب (أوراق فيدرالية… قصة الحكم الاتحادي في اليمن)

حضرموت حُرّة/ متابعات
عرض وتقديم/ خالد سعيد مدرك:

صدر عن دار الوفاق الحديثة للنشر والتوزيع صدر العام الماضي 2023م الطبعة الأولى لكتاب ” أوراق فيدرالية .. قصة الحكم الفيدرالي في اليمن” لمؤلفه الدكتور/ متعب مبارك بازياد وهو أكاديمي وسياسي وباحث في تاريخ القانون والنظم القضائية وعضو مؤتمر الحوار الوطني الشامل فريق بناء الدولة وعضو هيئة تنسيق إقليم حضرموت 2013-2014م ويشغل حاليا منصب نائب مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء.
يقع الكتاب في (253) صفحة واحتوى على ثلاثة فصول حمل الفصل الأول عنوان (الفيدرالية في اليمن) فيما عنون الفصل الثاني (مستويات الحكم في الدولة الفيدرالية) فيما حمل الفصل الثالث عنوان (أوراق الفيدرالية اليمنية).
استهل الكتاب بمقدمة الناشر وهي دار الوفاق الحديثة للنشر والتوزيع وتقديم مركز (مداد) ومقدمة لمؤلف الكتاب.
أوضح المؤلف في مقدمة الكتاب الهدف من تأليف ونشره للكتاب مبرزا فكرته الرئيسية ومحتواه الذي يتمحور حول نشر قصة الحكم الفيدرالي في اليمن والتوعية بفكرة اليمن الاتحادي الجديد الذي تبناه اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني الشامل بكافة قواهم السياسية واحزابهم ،وخلق رأي عام مستنير بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي ما تزال هي وثيقة “التوافق الوطني” وشرح نمط الحكم الاتحادي المقترح لليمن وكذا توضيح المفاهيم الفيدرالية في مسودة الدستور الاتحادي مشيرا إلى أن اليمن قد شهد تجارب ناجحة للحكم المحلي من قبيل تجربة حضرموت للمجالس البلدية المنتخبة في زمن بعيد وتجربة مجالس التعاون الأهلي في شمال الوطن منوها إلى أن فكرة الاتحاد اليمني بصيغته الفيدرالية سابقة لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني بعقود طويلة وأن أسلوب الإدارة المركزية ونمط الدولة البسيطة قد فشلا فشلا ذريعا في تحقيق أهداف الثورة اليمنية.. وللاستزادة حول هذا الموضوع ينظر الفصل الثاني من الكتاب (ص43-54).
وفي ختام مقدمة الكتاب دق مؤلف الكتاب بشجاعة ناقوس الخطر لكل الوطنيين في اليمن محذرا مما ينتظر مستقبل اليمن من مخاطر في حالة التخلي عن نمط الحكم الاتحادي:
“والخطر الذي يتهدد مستقبل اليمن يتسلل من خلال مصالح خاصة وضيقة لفئة أو طبقة من الأشخاص الذين يرون في هذه التغييرات الدستورية لشكل الدولة إنقاصا من سلطاتهم وخصما من مواردهم الريعية المتراكمة بفعل المركزية الممسكين بزمامها وثلما في شفرة وجاهتهم وتقييدا لنفوذ مناصبهم بندية شركاء الوطن والرقابة الشعبية المتعددة الأطر والمستويات على قراراتهم فالطموح والجشع والعداوات الشخصية والفئوية والمعارضة الحزبية ودوافع كثيرة لا يمكن التصريح بها أكثر من سابقاتها مستعدة لأن تعمل عملها لدى المؤيدين أو المعارضين لتغيير النمط المألوف لديهم وتقبل الشكل والفكر الجديد المتخيل في أذهانهم”.

الفيدرالية في اليمن
ركز المؤلف في الفصل الأول من الكتاب على قصة (الفيدرالية في تاريخ اليمن) مقدما في بدايته تصديرا مختصرا مهما لمزايا النظام الاتحادي في العالم الغربي والعربي لكي يدعم أقواله ورؤاه في تبني نمط الحكم الفيدرالي الاتحادي في اليمن بالأدلة والبراهين الواضحة وليس ذلك خاف عن المؤلف فهو القاضي والأكاديمي الحقوقي والقانوني الذي يدرك تماما أهمية تقديم الأدلة والبراهين عند تقديم الدعاوى من قبل هذا أو ذاك لتفنيد وتعزيز الدعاوى المقدمة.

لذلك فهو يقول:
” كثيرة هي المزايا التي جعلت من أكبر الدول الديمقراطية في التاريخ الحديث والمعاصر –الهند/الولايات المتحدة الامريكية-تنتهج هذا الشكل التنظيمي لمؤسسات الدولة والمستويات المتعددة للحكم (تعدد الحكومات) وكان يظن أن هذا اللون من النظم الإدارية لسلطات الدولة يصلح فقط للمجتمعات متعددة الثقافات والمجتمعات المختلفة عرقيا أو لغويا أو دينيا كالهند مثلا أو الامبراطوريات المترامية الأطراف جغرافيا كالولايات المتحدة الامريكية وكندا والاتحاد الروسي إلا أن هذا النظام أثبت نجاحه في دول صغيرة المساحة قليلة السكان موحدة العنصر والطائفة والثقافة كدولة الإمارات العربية المتحدة وسويسرا لافتا إلى ظان هناك عيوب وقصور في هذا النظام بوصفه اجتهادا بشريا ولكنه من ارقى ما توصلت إليه البشرية في العلوم الإنسانية في سبيل تطوير أساليب الإدارة والحكم.
وبعد هذا التصدير لمزايا نمط النظام الفيدرالي عالميا عربيا انتقل إلى الحديث عن قصة الفيدرالية في تاريخ اليمن مشيرا إلى أن في تاريخ اليمن القديم قامت عدة ممالك (دول) تقاسمت النفوذ والسيطرة على الأرض في معظم الأراضي الواقعة بجنوب وغرب الجزيرة العربية.
وأوضح المؤلف في هذا الفصل أن هناك ثلاث تجارب وحدوية في اليمن، أولها عند توحيد الإمام يحيى حميد الدين لمناطق شمال اليمن بعد خروج قوات الدولة العثمانية من اليمن وقيام المملكة المتوكلية اليمنية كدولة مركزية وعاصمتها صنعاء ثم قيام الجبهة القومية بتوحيد كل سلطنات وإمارات ومشيخات الجنوب في دولة مركزية وعاصمتها عدن إلى مساعي قيادتي التنظيمين السياسيين الحاكمين في شطري اليمن الحزب الاشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام ونضالهم نحو الوحدة الذي توج في العام 1990م بقيام دولة مركزية موحدة.
وعرج المؤلف في هذا الفصل على المبادئ العامة للدستور المنبثق عن اجتماع مؤتمر الحوار الوطني وهي:
– أن تكون اليمن دولة اتحادية.
– أن تكون مستويات ثلاثة للحكم (حكومات في الولايات والاقاليم وحكومة اتحادية).
– أن تكون سلطات منتخبة في كل مستويات الحكم.
– وأن تكون سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية كاملة.
– تكريس مبدأ المساواة أمام القانون وضمان الحريات العامة.
– التوزيع العادل للثروة.
– الشراكة الحقيقية لكل الأقاليم في الحكومة الاتحادية.
– التمثيل العادل للجنوب في السلطات الاتحادية خلال الفترة الانتقالية.

مستويات الحكم في الدولة الفيدرالية
وبعد أن تحدث مؤلف الكتاب في الفصل الأول عن الخلفية التاريخية والظهور المبكر للدولة الاتحادية في اليمن فكرا وممارسة، فقد حرص-كما يقول-أن يلقي الضؤ في الفصل الثاني من الكتاب على بعض النصوص الدستورية من مسودة مشروع الدستور الاتحادي الجديد وهو المشروع الذي انبثق عن عملية فنية دستورية قامت من خلالها لجنة صياغة الدستور بترجمة مضامين وتوصيات مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في قالب دستوري من (464) مادة دستورية موزعة في عشرة أبواب تشمل الأسس العامة التي تقوم عليها الدولة اليمنية الاتحادية وتوزيع السلطات وحماية الحقوق والحريات.
وقد اقتصر التعليق على المضامين الفيدرالية وملامح السلطات الاتحادية وحدود سلطات الحكومات الإقليمية والولائية، أما ما يتعلق بالحقوق والحريات العامة فتلك النصوص لا تختلف عنها في أي نظام ديمقراطي ينشد العدالة والمساواة وسيادة القانون بغض النظر عن شكل الدولة.

أوراق الفيدرالية اليمنية
قدم مؤلف الكتاب في الفصل الثالث العديد من مقالاته الصحفية التي نشرت في عدد من الصحف المحلية إبان فترة انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل سنة 2013م وأخرى نشرها في الأعوام الأخيرة حول القضية الوطنية اليمنية..
وبنظرة على تلك الأوراق الفيدرالية التي نشرت في هذا الفصل وجدناها تندرج في إطار التثقيف والتوعية والترويج والتنوير لشكل أو نمط النظام الفيدرالي الاتحادي الذي اقترح تطبيقه في اليمن ضمن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي عقد في صنعاء في العام 2013م، ومن أبرز هذه الأوراق تعرض المؤلف لشيء من تجربة الولايات المتحدة الأمريكية مع فكرة دولة الاتحاد الفيدرالي الأمريكي لتفادي صراع الولايات على النفوذ والثروة نهاية القرن السابع عشر وقيام المؤلف بتلخيص مفهوم النظام الفيدرالي الاتحادي للرأي العام اليمني كما كشف في ورقة أخرى أن الصراع المحتدم في اليمن وإن كان مظهره السياسي هو الطاغي فإن ذلك لا يخفي أن الخلاف الحقيقي حول الثروة والنفوذ..
كما قدمت في هذا الفصل أوراق فيدرالية أخرى تناولت في احداها احتدام النقاش في مؤتمر الحوار الوطني الشامل وعلى وجه الخصوص في لجنة 8+8 المنبثقة عن فريق القضية الجنوبية حول شكل الدولة اليمنية الاتحادية القادمة كما تناول في بعض الأوراق خصائص ومزايا نمط النظام الاتحادي وإيجابيات وسلبيات نظم الحكم في فترة الاستعمار البريطاني وفترة حكم الأئمة والسلاطين في شمال الوطن وجنوبه والحكم في شمال الوطن وجنوبه بعد سقوط النظام الامامي في الشمال وسقوط حكم السلاطين في الجنوب وكذا تجربة الوحدة بين شطري اليمن شمالا وجنوبا التي تمت في العام 1990م.

وختاما نقول:
إنه مهم جدا إن اتفق الناس أو اختلفوا حول ما طرحه مؤلف من موضوعات أو قضايا تناولها كتابه (أوراق فيدرالية …قصة الحكم الفيدرالي في اليمن) إلا أننا نقول إن هذا الكتاب يمثل مساهمة جادة وشجاعة من المؤلف لطرح مشروع نمط الحكم الاتحادي الفيدرالي والدعوة إلى تبنيه من قبل اليمنيين كافة لأن فيه –كما يرى- مصلحة عليا للوطن وتحقيق تقدمه واستقراره وحل مشاكله وإبعاد الخطر الذي يتهدده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى