عندما بكى صديقي
حضرموت/ بقلم: أحمد عمر باحمادي
بعد أن اشتدّ عليه الضغط النفسي بكى صديقي متألماً من واقع لم يتخيل يوماً أن يصل إليه وهو الذي عاش خفيف الحمل مستور الحال ..!!
لم يتوقع صديقي أن يقف يوماً موقف مكتوف اليدين والجيب أمام مصروف أبنائه أو علاج أمه المصابة بالداء السكري والضغط أو حتى أمام هدية يقدمها لصديقه الوفي يومَ زفافه ..!!
يتذكر صديقي يوم زفافه .. كان يوماً مشهوداً من أيام حياته المثقلة .. فيه رأى الحياة أمام ناظريه بيضاء مضيئة.. فما كاد القطار يسير به حتى أثقلته التكاليف وأوجعته الكماليات التي كان يستمتع بها .. فإذا هي تصير الوجع الذي ينكّد عيشته.
بكى صديقي لأنه فقد الأمل .. وما كان له أن يفقد الأمل بالله لولا طول انتظاره لبشر ضعفاء مثله كي يخرجوه مما هو فيه .. كثيراً ما وزّع رجاءه فيهم وطال انتظاره لفرجهم ..
لكن الأيام أرَته أن أولئك القوم لا يستحقّون .. فالثروات التي جنوها والبيوت التي بنوها والسيارات الفارهة التي يركبونها أعطته الدليل أنهم قد تناسوه في غمرة حرصهم على مصالحهم ونفع ذواتهم ..!!
بكى صديقي عندما رأى نفسه يجري خلف ريالات معدودة وربما طبقاً من طعام بسيط ليُشحن كما تُشحن الخراف .. لحضور مليونية مزعومة أو مظاهرة أو حشد .. كل الغاية منه أن يثبّتوا أساسات من صفقوا لهم وتغنوا بأحجامهم الكبيرة التي تساوي حجم وطن ..!!
بكى صديقي عندما أدرك أنه كان مخدوعاً !! .. مخدوعاً بتضحياته التي أوصلته إلى حافة الجوع .. مخدوعاً بثقته التي ألقته إلى قارعة الفقر والشقاء .. مخدوعاً بحُسن ظنه وطيب نيته التي هوت به في قاع البؤس والعناء ..!!
بكى صديقي من راتبه الذي يتأخر وبكى من الأسعار التي لا يستطيع أن يسابقها .. وكم أبكاه في الليل هذا الدَّين الذي يلاحقه ككرة الثلج ..!!
ولا يزال صديقي يبكي كلما رأى الأخبار أو قرأ أحداث يومه وكلما سادته الظلمة جرّاء انطفاء الكهرباء ..!!
المهم أن صديقي المسكين تحولت حياته إلى بكائيات .. احمرّت عيناه الجميلتان حتى ظننت أنه رغم فقره يخزّن القات سراً ..!!
وعلى الرغم من سنه الصغير ظهرت التجاعيد في كل موضع من وجهه الذي كان يوماً أبيضَ وضيئاً .. وابيضّت شعرات كثيرة في رأسه ولحيته .. وغزت حتى شاربيه.