الهبة الحضرمية الرابعة هل تحقق ما لم تحققه هبات الأمس.
حضرموت حُرّة/ بقلم: أ.د. رزق الجابري
باحث في قضايا السكان والتنمية
تواصل معي زميل على الخاص متسائلا كيف تنظر للهبة الجديدة ؟
للإجابة على السؤال من الضرورة بمكان العودة إلى تلك الهبات فقد شهدت حضرموت ثلاث هبات بدايتها التي قادها حلف حضرموت واستطاع الحضارم إلحاق الهزيمة بجيش حماية الشركات المدجج بالأسلحة الثقيلة والمعزز بغطاء جوي من طائرات الهيلوكبتر فقد فر العسكر هاربين من نقطة الرقاقة مع أول طلقة من أفراد الهبة وتمت السيطرة على حقول النفط في مدة قصيرة .
أما الهبة الثانية التي قادها الشيخ حسن الجابري بعد خروج مجموعة من مؤتمر حضرموت الجامع وتشكيل كتلة تحمل اسم حضرموت والجنوب فقد حققت نجاح نسبي وتعيش مرحلة كمون ولكنها انقسمت وخرج تيار منها حمل اسم هبة العيون بقيادة الشيخ صالح بن حريز ورغم أن هذا التيار حقق نجاح قليل إلا أنه حافظ على وجوده في تنظيم الفعاليات.
لست بصدد تقييم تلك الهبات ولكن كمدخل يتم البناء عليها في الحديث عن الهبة الرابعة التي تختلف عن الهبات السابقة في بعض الأمور وهذا شي طبيعي لأنها استفادت من سلبيات الهبات السابقة وطورت إيجابياتها وتجلى ذلك في أهدافها فكان أول هدف للهبة الرابعة أن الهبة قامت على العهد بكتاب الله وميثاقه وأن حضرموت عظم بدون مفصل وأن حضرموت منطقة امتياز نفطي وأبناءها لهم الحق الشرعي في إدارة مواردهم .وعدم الإنجرار وراء الأحزاب أو غيرهم.
الهبة بهذه الأهداف وهي مطالب لتحسين معيشة الحضارم الذين يسحقهم الفقر والعوز والقصور في تقديم الخدمات التي لا تتوفر بشكل كاف فالكهرباء ساعتان بساعتين ومياه الشرب ليست أفضل حالا من الكهرباء أما نظافة البيئة فالقمامة تظل في نقاط جمعها أياما وبالنظر إلى الشباب فهم في حالة بطالة هذه الأوضاع عندما وضع المحافظ الحلول لها من خلال عدم توريد موارد حضرموت إلى الخزانة المركزية بعد تنصل الحكومة من إعطاء حضرموت حصتها من ميزانية الخدمات رغم أن حضرموت ترفد خزينة الدولة بما يزيد عن 75% من مواردها المالية .
موقف الحكومة المتشدد تجاه حضرموت والرخو في مأرب شكل محرك قوي للهبة الرابعة فالقراءة الأولية بمنهج علمي بعيدا عن العواطف فإن الظروف التي ولدت الهبة الرابعة ستجعل منها هبة ناجحة ويعتمد التوقع على مجموعة من المؤشرات :
أولا أن من يقود الهبة شباب ناضج صقلتهم التجارب مستفيدين من أخطأ وقصور إدارة الهبات السابقة فالحديث عن إقامة هبة ليس وليد اللحظة بل كان منذ أشهر ولكن التطورات التي حدثت في حضرموت هي من أخر الهبة.
ثانيا التطورات في مأرب وخضوع الحكومة لمطالب مطارح مأرب قد شكل عامل قوي ونقطة ارتكاز في القيام بهبة لأن هذا يحقق العدالة والمساواة بين المناطق المحررة خصوصا وأن موقف الحكومة تجاه حل مشاكل حضرموت سلبي فقد تركت الأمور سائبة كما أنها خذلت المحافظ في حل الكثير من المشاكل المتفاقمة .
ثالثا: التدهور في الأوضاع الاقتصادية وانهيار المستوى المعيشي وانتشار المجاعة الخفية رغم أن حضرموت منتجة للنفط والأسماك وهذه الموارد لم تشفع لها في تحسين المعيشة وهذا يقود الى أوضاع خطيرة وابسط مثال انعدام الأسماك وإن وجدت فهي بأسعار خيالية يقول الحضارم ” مر موسم العيد ولم يكز تنار”
أن هذه المؤشرات تفتح الطريق أمام نجاح الهبة الرابعة ولكن تطبيق الأهداف وخاصة تحصينها من المتسلقين وراكبي الموجات وتوظيفها لمصالحهم المتعددة ويتبع ذلك تقديم نموذج جيد في التفاوض وعدم الهرولة في تقديم التنازلات يضاف إلى ذلك التنفيذ المزمن للمطالب المتحققة وهذا الأهم .
ويمكن القول أن تحقيق المطالب مع تقديم نموذج جيد في تحقيق المطالب بعيدا عن الفساد سيجعل الآخرين يحترمونكم وينظرون إليكم بأنكم النموذج الأفضل في الخروج من الأزمات وبناء السلام وهذا يفتح الباب إلى المطالب البعيدة والأكبر من الحقوق التنموية .